منذ فترة وانا أحاول أن أكتب عن هذه القصة لعدة أسباب منها سهولة التفاوض وسرعته والرسائل التي تسربت بين مارك وكيفين مالك انستقرام وكيف علينا أن نتخذ قرارات سريعة إذا كانت لدينا نظرة في الفرص التي حولنا.
قبل كل شيء, أنا متأكد بأنه لو لم تستحوذ فيسبوك على إنستقرام لكان قد إنتهى هذا التطبيق منذ فترة طويلة (في حالة أن أحد عملاقة التقنية لم يستحوذ عليه).
إنستقرام منصة تأسست في عام 2010 لنشر الصور فقط وكانت الفكرة رائعة نوعاً ما لتنشر صور رحلاتك او صورك الشخصية وأحداثك اليومية واتذكر في المربع نت كنا قد فتحنا صفحة على انستقرام بالتحديد في عام 2011 لمواكبة منصات التواصل الإجتماعي لنشر الأخبار وجديد السيارات هناك كان الحساب خلال اشهر قليلة وصل الى عدد جيدجداً اتذكر ربما 10 الاف شخص قام بمتابعتنا.
مع هذا النمو المتسارع ذلك الوقت في 2012 لتطبيق إنستقرام بلغ عدد المستخدمين 30 مليون مستخدم فقط وكان التطبيق متوفر على أجهزة iOS وغير متوفر على أندرويد, مع العلم أنه عندما تم إطلاق التطبيق على منصة أندرويد حملوا التطبيق أكثر من 1 مليون شخص في يوم واحد فقط! (أعتقد انه التطبيق الوحيد في العالم اللي حصل على مليون تحميل في يوم واحد).
هذا النمو الكبير في عدد المستخدمين أقلق كبار عمالقة التقنية : فيسبوك, تويتر, قوقل, مايكروسوفت, وخصوصاً فيسبوك لأن انستقرام جذب وسحب الى منصته جيل الشباب الجديد بشكل قوي خصوصاً الذين يبحثون عن منصات جديدة وأفكار غير تقليدية أصبحت مملة نوعاً ما في شبكات التواصل الأخرى لذلك انستقرام كان خيار الجيل الجديد خصوصاً انه ركز على مشاركة الصور واضافة التأثيرات الابداعية عليها.
في هذا الوقت بالتحديد عام 2012 فيسبوك (ميتا) حالياً كانت على موعد مع الطرح العام الأولى (IPO) بتاريخ 18 مايو 2012 لكن كان المستثمرين متخوفين من هذا الطرح مع شدة المنافسة بين شبكات التواصل الإجتماعي, في هذه الاثناء استغل مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك هذه الفرصة وهذا الوقت بالتحديد بالتواصل مع مؤسسين انستقرام للإستحواذ عليهم وإضافة قيمة كبيرة لأسهم الشركة ومنع تهديد هذا المنصة لهم وبالتحديد في بداية شهر مارس 2012.
مع العلم بأن انستقرام في عام 2012 كانت أرباحهم 0 ريال وعددهم 13 موظف وتطبيقهم متوفر فقط على الأيفون وعدد 13 مليون مستخدم (أغلبهم جايين من فيسبوك) بالإضافة الى أنه ماعندهم خطة واضحة لتفعيل الأرباح على منصتهم!
مع هذه البيانات لإنستقرام الإ ان مارك قرر الإستحواذ عليهم وتقديم مبلغ 500 مليون دولار فقط في أول نقاشات بينه وبين كيفين سيستروم الشريك المؤسس لإنستقرام لكن بعد شهرين من النقاشات ومع دخول تويتر في المفاوضات قدم مارك مبلغ سريع 1 مليار دولار (3.75 مليار ريال سعودي) ووافق عليها ملاك انستقرام, الا أن هذا القرار من مارك لشراء انستقرام ازعج المستثمرين في فيسبوك بشكل كبير خصوصاً انه لم يقم بإستشارتهم وتم البيع والإعلان بشكل رسمي عن إستحواذ فيسبوك لإنستقرام في 9 ابريل 2012.
بالرجوع الى عدم إستشارة مارك للمستثمرين لديه في فيسبوك في هذا الإستحواذ لأسباب ذكرتها بعض الصحف وهي لعدم تسرب اخبار المفاوضات مع إنستقرام ليقوم بالإستحواذ بشكل سريع بدون معرفة إنتباه العمالقة الكبار وأن اعتقد ان هذا سبب ليس رئيسي, أعتقد أن مارك ينظر بنظرة مختلفة في مستقبل انستقرام وهي الإستحواذ على المنافس الذي يكبر وينمو بشكل سريع قبل أن يصبح مصدر تهديد مستقبلي له خصوصاً مع هذه المميزات التي جذبت مستخدمين منصة فيسبوك الذين بدأو بإستخدام إنستقرام ومشاركة صورهم عليه ومن ثم نشر رابط هذه الصورة على بوست في فيسوك, اليوم أنقلب مصدر التهديد هذا الى أحد أكبر مصادر الدخل في شركة ميتا والذي يمثل 25% من الأرباح!
ماراح أعقب اليوم وين وصل انستقرام وكيف أنه صار أهم منصة يومية بالنسبة لنا نشارك فيها القصص والصور واحداثنا لكن راح أعقب ان قدرة القادة اليوم على اتخاذ قرار بنظرتهم على استغلال الفرص اللي حولهم من المنافسة والتهديدات أمر مهم جداً حتى لو البعض عارضك فيه مارك مثال على هذي النظرة نشوف ضم له أحد المنصات اللي كانت راح تكون مصدر تهديد وصارت هذي المنصة مصدر دخل .. استغلال الفرص اللي حولك وإتخاذ قرار سريع مهم جداً اذا كنت تشوف فيه نظرة مستقبلية ماهو على الفترة الحالية ولكن على المدى البعيد او في المستقبل أو حتى تستحوذ عليه لو عندك قدرة عشان مايكون مصدر تهديد لك.
نراكم في مقال أخر 
